ظهرت الحاجة الى الترجمة مع إختلاف الألسن في الأرض و هو أمر غير معروف تاريخيه، و ان كان بلا شك مع ظهور الحاجة للتواصل بين سكان الكرة الأرضية ظهرت الحاجة الى الترجمة، و لا نعرف أكانت متزامنة مع ظهور النقش و الكتابة أم ان الانسان استطاع أن يفيد من الترجمة شفيا قبل اكتشاف امكانية وضع الكلمات على مادة لتصبح مقروءة. مع انطلاق الثورة الفلسفية في العصر اليوناني و الروماني و الفرعوني أصبحت الترجمة لا غنى عنها لتبادل المعلومات و الاستفادة من الثقافات. و قد شبه الفيلسوف “سيسرو” الترجمة بالفن و يُظن انه أول من سمى العلوم بالفنون و ربط بينهم، و كان هو نفسه يقوم بترجمة المخطوطات من اليونانية الى اللاتينية. ثم جاء حجر رشيد ليوثق فكرة الترجمة، و تبعه ترجمة كتاب “العهد القديم” الى اليونانية، و تلاه طلب النبي محمد صلى الله عليه و سلم من أحد الصحابة أن يتعلم لغة أخرى ليتمكن من التواصل مع الأقطار المختلفة.

المؤكد أن التجار الأوائل قد لاقوا الصعاب خلال رحلاتهم حول العالم في محاولة للترويج لتجارتهم في غياب اللغة المطلوبة، لذا نشأت الحاجة التجارية الى وجود مترجمين لتسهيل التواصل بين التجار و زبائنهم. مما عزز فكرة التواصل العالمي أو الأممي. و لما ظهرت النتائج الإيجابية لذلك نشأت في العالم حاجة جديدة متسعة النطاق لمهنة واضحة المعالم و هى الترجمة.

و يمكن القول أن مع بداية القرن التاسع عشر بدأت فكرة الأسلوب و الجودة تطرح نفسها بعد اتساع الحاجة و ظهور فئة من المترجمين غير تلك المتعارف عليها في الماضي و الذين كانوا في معظمهم من الكتاب و الفلاسفة و الأدباء الذين اجادوا اكثر من لغة و كانت مخرجاتهم أعمالا فينة تعتبر مرجعا الى اليوم.

مع دخول الوسائط ظهرت الحاجة الى وظائف اضافية للترجمة فظهر النشر المكتبي و الذي يعِدُّ الملفات للطباعة او النشر، ثم تعددت الوسائط فأضيفت الى العملية مهام تتعلق بهندسة الحاسبات مثل الصوت و الحركة و التأثيرات. و كلما اتسعت احجام التبادل التجاري ظهرت الحاجة الى ميكنة عناصر عملية الترجمة للحد من النفقات الكبيرة التي أصبحت تضاف على الشركات الطالبة للخدمة. لذا ظهرت الترجمة المميكنة (MT) و ظهرت برامج الكمبيوتر المساعدة للترجمة (CAT). كما ظهرت تخصصات داخلية للمهنة كغيرها من المهن، فأصبح هناك المترجم و المراجع و المدقق اللغوي. ثم تفرعت الترجمة نفسها الى تخصصات فرعية، سواء كانت طبية أو تسويقية، او تقنية، و نستطيع القول ان عدد التخصصات اصبح بالعشرات.